أُطلق عليها لقب “بيليه بِتنورة” من الأسطورة البرازيلي الراحل نفسه، لكن أنصارها يعرفونها بلقب “الملكة”. إنها النجمة مارتا التي ستحاول للمرة الأخيرة على الأرجح الظفر بكأس العالم للسيدات.
بيد أن حظوظ منتخب البرازيل في إحراز اللقب العالمي في النسخة التي تنطلق في 20 الحالي في استراليا ونيوزيلندا تبدو ضعيفة لأسباب عدة، أبرزها أن مارتا (37 عامًا) تعاني من اصابة، كما انّ الفريق يمرّ في فترة تجديد دماء وليس مرشحًا بالتالي للمنافسة على اللقب.
قد لا يعني هذا الأمر الكثير بالنسبة الى مارتا التي تخطت الحواجز منذ طفولتها، من الفقر إلى التمييز على أساس الجنس وأخيرًا اسوأ إصابة لها في مسيرتها.
تُعدّ مارتا على نطاق واسع أفضل لاعبة أنجبتها الملاعب على الاطلاق، وقد اقتربت من المجد الدولي مع سيليساو مرّات عدّة، حيث بلغت نهائي كأس العالم عام 2007 وحصلت على الميداليات الفضية في أولمبيادي 2004 و2008.
وتُعتبر مارتا أفضل هدّافة في نهائيات كأس العالم (رجال وسيدات) برصيد 17 هدفًا في خمس نسخ، متفوّقة على الألماني ميروسلاف كلوزه (16)، وبالتالي ستحصل الآن على فرصة لتعزيز سجلها.
ستكون مارتا و”سيليساو” بدون اثنتين من رفيقتيها المخضرمتين. فقد اعتزلت الأسطورة فورميغا اللعب في صفوف المنتخب الوطني عام 2021 بعد سبع نسخ لكأس العالم ولم يتم اختيار المهاجمة كريستيان (38 عامًا) للمشاركة.
أمضت مارتا ما يقرب من عام بعيدًا عن الملاعب بسبب إصابة في الركبة. وغابت بطلة كوبا أميركا ثلاث مرات (2003 و2010 و2018) عن المسابقة القارية العام الماضي، حيث نجحت البرازيل في الدفاع عن لقبها.
عادت في فبراير الماضي فقط الى الملاعب، خلال فوز البرازيل على اليابان 1-صفر في كأس “شي بيليفز”.
قالت بعد المباراة: إنها المرة الأولى التي أمضيت فيها فترة طويلة من دون أن ألعب. لقد عانيت كثيرًا.
على الرغم من أن مارتا لم تعادل ألقاب بيليه الثلاثة في كأس العالم، إلا أنها واحدة من أكثر اللاعبات حصدًا للجوائز في التاريخ. تم اختيارها أفضل لاعبة في العالم ست مرات.
لكن أكبر إنجاز لها كان الهروب من بؤس طفولة صعبة في دويس رياشوس في ولاية ألاغواس في شمال شرق البرازيل.
تعتبر مارتا التي اختارتها الأمم المتحدة كسفيرة للمساواة بين الجنسين، ملهمة للعديد من النساء البرازيليات اللواتي يعشقن لعب كرة القدم ولكنهن غالبًا ما يصبن بالعار في بلد تبرز فيه الرجولة بشكل كبير.
كانت مارتا فييرا دا سيلفا تطارد أحلامها طوال حياتها، وبدأت بمحاولة مواكبة أشقائها في اللعب.
كانت الحياة المنزلية صعبة، فقد انفصل والداها قبل أن تبلغ من العمر عامًا واحدًا، وتُركت والدتها لتتكفل بنفسها وأربعة أطفال.
لم يكن لدى الأسرة مال لشراء اللوازم المدرسية، لذلك ارتادت مارتا المدرسة في التاسعة من عمرها فقط. لعبت في الدوريات المدرسية حتى جاء اليوم الذي رفض فيه أحد المدربين السماح لفريقه بالمنافسة ما لم تنسحب مارتا.
في تلك الحقبة، أحضرها أحد الكشافين المحليين إلى ريو دي جانيرو ونجحت في تجربتها في صفوف فاسكو دا غاما.
تتذكر سيسي التي تُعتبر من أولى نجمات كرة القدم في البرازيل قبل ظهور مارتا وكانت في صفوف الفريق الاول في فاسكو حينها، المرة الاولى التي رأت فيها الاخيرة تلعب وقالت في هذا الصدد: كانت قدرتها الفنية وسرعتها الصاروخية مميزتين. لقد وُلدت موهوبة.
بحلول عام 2003، كانت مارتا بعمر السابعة عشرة في تشكيلة منتخب البرازيل لكأس العالم.
وبعد أشهر، انضمت إلى نادي أوميا السويدي، وسرعان ما توجت معه بلقب دوري أبطال أوروبا للسيدات 2004.
في ذلك العام، دخلت للمرة الاولى باب الترشيحات لحصد لقب لاعبة العام في طريقها للتتويج بهذه الجائزة المرموقة خمس مرات متتالية في مسيرتها بين 2006 إلى 2010 والسادسة في 2018.
انتقلت بعدها إلى الولايات المتحدة حيث دافعت عن ألوان لوس أنجليس سول، وغولد برايد في سان فرانسيسكو وفي صفوف أورلاندو برايد ناديها منذ عام 2017.
سجلت رقمًا قياسيًا من الاهداف في صفوف منتخب البرازيل مع 122 هدفًا متفوقة على كل من بيليه ونيمار اللذين يتعادلان في الرقم القياسي للرجال مع 77 لكل منهما.
لا شك أن الفوز باللقب العالمي سيرصّع سجلها الناصع.